يلقي الليل عباءته علينا فيغدو المكان في صمت وسيكنة وهدوء, فتعود الطيور إلى اعشاشها, وتهجع الأرواح من صخب الحياة فتصبح كل الأشياء سوداء تحت جنح الظلام الذي يلغي تمايز الأشياء كما يصنع النهار، فيفرض قوانينه على الجميع دون استثناء، لينعم الناس بنوع من المساواة المفروضة عليهم.
يلغي الليل كل الفوارق والامتيازات، ويفرض على الجميع قانونه وكأنما يقول لنا انتم جميعا سواء، فلا داعي للتمايز هنا العدالة يجب أن تكون.
ومع الوقت، يبدأ الليل بتشديد قبضته على الجميع، فلا ينجو منها أحد.
وما إن يتحرك إلى مكان آخر لينشر قوانينه هناك، حتى يبدأ النهار بحبك خيوطه، فيكشف الأقنعة، وينهي حالة المساواة، ويبدأ بصنع الفوارق والامتيازات مرة أخرى، فتسطو النفوس على بعضها، وتتمايز ليُرى أصلها، وينكشف معدنها، وتستمر الحياة في دورتها فارضة قوانينها، التي يجهل الكثير الحكمة منها.
أبو ايهم
