يشاع بين الأدباء في مجالسهم وفي بعض منتدياتهم ومحاضراتهم قصة تقول : أن الشاعر علي بن الجهم كان بدوياً جافياً ، فقدم على الخليفة العباسي المتوكل ، فأنشده قصيدة ، منها :
أنت كالكلب في حفاظك للود = وكالتيس في قِراع الخطوب
أنت كالدلو ، لا عدمناك دلواً =من كبار الدلا كثير الذنوب..
فعرف المتوكل حسن مقصده، وخشونة لفظه،لأنه بدوي يعيش في الصحراء ، وأنه ما رأى سوى ما شبهه به ، لعدم المخالطة وملازمة البادية ، فأمر له بدار حسنة على شاطئ دجلة ، فيها بستان حسن ، يتخلله نسيم لطيف يغذّي الأرواح ، مطل على الجسر حيث تغدوا النساء وترجع لجلب الماء، وأمر بالغذاء اللطيف أن يتعاهد به إليه ، فأقام ستة أشهر على ذلك ، والأدباء يتعاهدون مجالسته ومحاضرته ،
ثم استدعاه الخليفة بعد مدة لينشده ، فحضر وأنشده قصيدة طويلة مطلعها :
عيون المها بين الرصافة والجسر =جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري
أعدن لي الشوق القديم ولم أكن= سلوت ولكن زدت جمرا على جمر
فقال المتوكل : لقد خشيت عليه أن يذوب رقة ولطافة.
